في منتصف نوفمبر 2022، أطلقت «بالنسياقا» حملة تسويقية لتشكيلتها الجديدة، يظهر فيها أطفال مع دببة بإيحاءات جنسية. وسرعان ما أصبحت الحملة محور نقاش الإنترنت المفضّل لما أثارته من غضب وجدل.
استجابةً إلى ردود أفعال المتابعين، شاركت «بالنسياقا» اعتذارًا من خلال حسابها على إنستقرام، وحذفت صورَ الأطفال من منصاتها، قائلةً إنَّها تُدين التحرّش الجنسي بالأطفال، وأنَّ الإساءة غير مقصودة. لا عجبَ في ردة فعل الجماهير المعترضة فهي كانت في محلها تمامًا، لكن ما تعجّبت منه فعلًا هو ادّعاء «بالنسياقا» أن ما حصل لم يكن مقصودًا.
فمن خلال عملي في التسويق، تعلّمت أن وراء كل إعلان يتلقاه الجمهور فريقٌ يقضي أيامًا بل أسابيع في التخطيط. إذ سبق وخضتُ مفاوضات تظل لساعات من أجل صياغة تغريدة واحدة فقط. وهذا ما يجعلني أجزم أن حملة «بالنسياقا» كانت مدروسة بحذافيرها لإثارة الجدل.
فالوسم «#cancelbalenciaga» حصل على أكثر من 175 مليون مشاهدة على تك توك، وشارك عدد من المشاهير الذين شاركوا من خلال منصات أخرى إعلانهم مقاطعة العلامة التجارية. وإن كان الهدف من الحملة جلب التفاعل، وإنطاق الألسنة جميعها باسم «بالنسياقا» فقد تحققت الغاية بامتياز. فالخوارزميات لا تفرّق بين التعليقات السلبية والإيجابية، بل تنظر إلى عددها فحسب.
ما فعلته «بالنسياقا» مثال واحد على إثارة التعليقات السلبية عمدًا بحيث تقود عجلة التفاعل حولها. فقد توصلت دراسة من جامعة كامبرج إلى نتيجة متشابهة فيما يخص الرأي السياسي أيضًا.
فبعد تحليل ثلاثة ملايين منشور سياسي أمريكي، وُجد أنَّ المنشورات السياسية تُشارَك على نطاق واسع في حال كانت تحمل رسالة سلبية عن الطرف المعارض. وفي المقابل، قلّ تفاعل المستخدمين مع المحتوى الإيجابي. فالمنشورات التي انتقدت حزبًا سياسيًا معارضًا حصلت على ضعف عدد المشاركات، على نقيض الحسابات المتفقة مع آراء المتابعين.
فقد صُمّمت خوارزميات المنصات للحفاظ على نسبة عالية من التفاعل، حتى تستفيد ماليًا من عرض الإعلانات. وأدّى ذلك، لا إلى مكافأة من يُنتج أي محتوى مثير للخلاف فحسب، بل وإلى ترجيح هذا المحتوى ليظهر أمام عدد أكبر من المتلقين. ففي زمن المستهلك «الناشط»، كثر المتحدثون عن قضايا اجتماعية، ما يجعل أي منشور مثير للجدل صفقة رابحة لجلب التعليقات المدافِعة عن قضيةٍ ما.
سرعان ما يعتاد الجمهور على توجهات تسويقية جديدة، وسينسى جدل اليوم ويتوقف التفاعل معه. وستأتي بعده طرائق جديدة لإثارة الجدل، فتستمر الدوّامة، وتبدأ عجلة التفاعل تتحرك من جديد.
مقالات أخرى من نشرة أها!
بصمتك الكربونيّة على سلاح الجريمة
مشكلتنا مع «البيئة» أعقد بكثير من مجرد غازات مصانع وعوادم سيارات؛ منظومتنا الحضارية بأسرها متعارضة مع معيار الأمان البيئي.
أشرف فقيههل تخشى صحبة الصمت؟
الآن، وفي هذا الشهر الفضيل، أستحضر فضيلة السكينة، وأجدها فرصة مناسبة لتوطيد العلاقة بالنفس والتعوّد على إمضاء الوقت معها.
حسين الضوأبل باي تحرمك «الكنسلة»
يكمن سر تميّز أبل باي في توفيرها ميزتيْ الأمان والسرعة في آن واحد. فهل كنت تتخيل خروجك من المنزل دون حملك النقود أو بطاقة بلاستيكية للدفع؟
تركي القحطانينازيّون بطبعنا!
اللاجئون والمشردون الذين حرمتهم الحروب من حياتهم، لم يشاركوا في قرار الحرب، لا يريدونها ولا يتمنونها، لكنهم وحدهم من يدفع ثمنها.
عبدالله المزهرقيّمنا واكسب خمسة يورو
كمستهلك، يجب أن تكون متشككًا دومًا لدى مشاهدتك تقييمات مبالغ فيها أو لدى قراءتك لكمٍّ هائل من التعليقات الإيجابية.
أنس الرتوعيالخير في استئجارك البيت أم التملّك؟
في صراعات تويتر والمجالس، الكل يطرح السؤال المحيّر والكل يفتي بالجواب: أيهما أفضل؛ استئجار البيت أو تملّكه؟
تركي القحطاني