أطفالك ضحية «فرط المشاركة الأبويّة»

نشأ مصطلح «فرط المشاركة الأبويّة» (Sharenting) لوصف مشاركة الآباء والأمهات المفرطة أخبار أطفالهم وصورهم عبر منصات التواصل الاجتماعي.

في طفولتي، ما إن اشترى والداي كاميرا جديدة، حتى التقطا لي صورًا كثيرة توثّق وجودي فردًا من العائلة، وبعد تحميضها، أرسلا تلك الصور إلى أقاربي عبر البريد. أما اليوم، بتنا نلتقط صور صغارنا ونشاركها يوميًّا بضغطة زر مع القريب والغريب.

في أغلب الأحيان، تظل النية طيبة وراء مشاركة صور الأطفال مع مجموعة الأقارب والأصدقاء في منصات التواصل الاجتماعي. فوجود الأطفال عنصر أساسي من روتين أي أم وأب، وتوثيق حياتنا اليومية بات جزءًا من هويتنا العصريّة. 

لكن في الواقع، يدفع شعور الفضول لدى ملايين متصفحي الإنترنت إلى متابعة حسابات تنشر يوميات أطفال لا ينتمون إلى دائرة أقاربهم. وبالمقابل، تكافئ منصات مثل يوتيوب الآباء ممن يستغل فضول المشاهدين؛ فمقاطع الأطفال تجلب مشاهدات أكثر بثلاثة أضعاف من تلك التي تخلو منهم. ولهذا السبب، ظهر مؤثرون صغار لم يتجاوزوا عامهم الثاني بعد .

تدلُّ كثرة المشاهدات هذه على نشوء سوق مغرية، بضائعها صور الأطفال ومقاطعهم البريئة. فلا عجب أن نرى ارتفاع الأرقام التي ترصد هذه الظاهرة، فأكثر من 90% من الأطفال الذين بلغوا سنتين لديهم ظهور في العالم الافتراضي.

وينشر الآباء نحو 1500 صورة قبل بلوغ طفلهم عامه الخامس. ومع ازدياد ظهور الأطفال الصغار في الشبكات الاجتماعية، نشأ مصطلح «فرط المشاركة الأبويّة» (Sharenting) لوصف مشاركة الآباء والأمهات المفرطة أخبار أطفالهم وصورهم عبر منصات التواصل الاجتماعي.

كذلك، يفوت على الآباء والأمهات أنهم ينشرون صور أطفالهم دون موافقة الطفل، مما يكوّن بصمة رقمية قد لا يرضى الطفل عنها إذا كبر. فلا وجود للخصوصية في زمن الإنترنت، والمشاركة التي تبدأ بريئةً قد تنتهي بمخاطر لا ذنب للطفل فيها. من تلك المخاطر حوادث انتحال الهوية التي يتوقع وصولها 7.4 مليون حادثة سنويًا بحلول عام 2030، ناهيكم بإمكانية وصول المحتوى إلى من يستغله جنسيًا.

وجود بعض المنافع لمشاركة صور أطفالنا الصغار في منصات التواصل الاجتماعي ويوتيوب في تكوين الصداقات وإيجاد حلول للمشكلات لا يبرّر الضرر المحتمل. 

وإن انتهى زمن إرسال الصور بريديًا للأقارب أو مشاركتنا ألبومات الصور مع ضيوف البيت، لا بأس، دعنا نوثق يوميات أطفالنا بكاميرا جوّالاتنا. لكن لنترك لهم لاحقًا خيار مشاركة صورهم علانيةً في حساباتهم حينما يبلغون.

الأطفالالإنسانوسائل التواصل الاجتماعيالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+210 متابع في آخر 7 أيام