لا توقفوا البتكوين خوفًا من المجرمين

تنبَّأ ملتن فريدمن أن الإنترنت ستخلق نقودًا تقنية، يجري تحويلها بين نقطتين، دون معرفة الطرف الثاني بهوية الطرف الأول. وهذا سيسهل الجريمة.

أكتب عادةً التدوينات هنا دونما توصية بالبيع أو الشراء، لكني هذه المرة أكتب ناصحًا بعدم الاستثمار في العملات الرقمية لخطورتها الشديدة، وعدم وضوح معالمها ومستقبلها بعد. 

في عام 1999، تنبَّأ الاقتصادي الرهيب ملتن فريدمن أن الإنترنت ستخلق نقودًا تقنية، يجري تحويلها من نقطة (أ) إلى نقطة (ب)، دون معرفة الطرف الثاني بهوية الطرف الأول. وهذا، للأسف، سيسهل الجريمة بين المجرمين ويقلل تدخل الحكومات. 

أتى 2009، وفعلًا ظهرت البتكوين، أول نقود تقنية  في العالم. وبهذه التقنية المذهلة يستطيع زيد أن يحول لعمرو مبلغًا ما دون الحاجة إلى ثقة وسيط بينهما، على عكس الدولار الأمريكي حيث تحتاج إلى وساطة «بانك أوف أميركا» أو «سيتي بانك» لإجراء الحوالة. 

بدأ الناس يتعرفون على العملات الرقمية أكثر مع مرور الزمن، وبعد الارتفاعات المجنونة التي حظيت بها البتكوين خصوصًا، وبقية العملات الرقمية عمومًا. ثم بدأ المشرعون والأكاديميون يتناظرون ويتجادلون حول جدواها، فيخرج مثلًا وارن بافيت وبيل قيتس وغيرهم ممن يعارضونها تمامًا، وعلى عكسهم كان جاك دورسي -مؤسس تويتر- يناصر البتكوين. 

ودومًا ستجد هذا السؤال «هل التقنية أو العملات الرقمية متقنة؟ خالية من المشاكل؟ لا. وكذلك لم يكن البريد الإلكتروني عند اختراعه عام 1972»، حاضرًا في المناظرات والجدل بين أنصار البتكوين من جهة، والمحاربين ضدها بحجة أنها تقنية تخدم المجرمين. وحاولت وول ستريت جورنال تفكيك هذه الحجة في تقرير خاص، فهل فعلًا تُستخدم البتكوين وغيرها من العملات الرقمية في الجرائم؟ 

لنرى. بلغت النشاطات غير القانونية التي حدثت عبر العملات الرقمية أعلى مستوى لها عام 2021 بقيمة 14 مليار دولار، ورغم ذلك تبقى مبالغ بسيطة جدًا قياسًا إلى حجم التعاملات الكلي، الذي وصل إلى 15.8 تريليون دولار. ما يعني أنَّ النشاطات غير القانونية تعادل فقط 0.15% من حجم التعاملات. 

لهذا من الخطأ إيقاف التقنية بسبب المجرمين، بل يجب إيقاف المجرمين، وأن ندخل التقنية بكل ما أوتينا من قوة. خصوصًا أنني، ورغم نصيحتي بعدم الاستثمار فيها حاليًّا، أؤمن شخصيًا أنها المستقبل. 

التقنيةالعملات الرقميةجريمةالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+430 متابع في آخر 7 أيام