صوتنا يتقمص الميمز

نحن نستعير أصوات الآخرين المميزة لنعبّر عن عاطفة ما بأسلوب مُضحك يقربنا من الناس، أو حتى نهوّن على أنفسنا في مواقف صعبة أو مزعجة.

التعبير بالميمز الصوتية / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
11 سبتمبر، 2022

في أكتوبر 2021، شارك الأب السعودي أشرف مقطعًا لابنته ريتان، وهي تنزل من السيارة متجهةً إلى مدرستها. حماس ريتان وهي تردد «باي! باي!» اجتاح الإنترنت، وحصد المقطع أكثر من مليوني إعجاب على إنستقرام، إضافةً إلى أكثر من 12 مليون مشاهدة على يوتيوب.

تحوّل حماس ريتان إلى مادة ثرية لصناعة ميم صوتية عامة، فشاهدنا مئات من الفيديوهات بصوت ريتان في الخلفية، يقلد فيها أصحابها في مواقف مختلفة توديع ريتان لوالدها بحركات يديها وابتسامتها: «باي! باي!».

ظاهرة الميم الصوتية التي أطلقها أبو ريتان ليست جديدة، لكن ما يميّز هذه الميم تحديدًا سهولة صناعتها داخل تطبيق واحد مثل تك توك (ومن بعده إنستقرام). فرغم أن تك توك لم يؤسس مفهوم الميم الصوتية، لكنه أتاح للمستخدمين واجهة تُبرز الصوت وتسمح بإعادة استخدامه «ريمكس» (remix). لتجعل هذه الميزة من تك توك تربة خصبة لانتشار الميم الصوتية.

ويعتمد انتشار مقطع صوتي محدد دونًا عن غيره على قوة تأثيره في تحفيز فورة من العواطف والذكريات في دماغ المتلقي، وهو ما يسمّى «الاهتياج الحسّي» (brainfeel). قد يكون المحفّز نطقًا متميزًا لكلمة ما، مثل نطق ريتان لكلمة «باي!» بصوتها المرتفع. أو لأن المقطع يُبرز صوت الإنسان الداخلي بطريقة علنية مسموعة للعالم، كما في المقطع «Keep going … أيوه أيوه». إذ يبدو فعلاً مثل صوتي الداخلي حينما أُجبر نفسي على النهوض من السرير لأتّجه إلى الدوام يوم الأحد. 

ولأن الميم الصوتية تُخرج المونولوج الداخلي فينا وتظهره، فهي تشبه ما نفكّر به دون أن نتجرأ على قوله جهرًا. أنا شخصيًّا يتقمص صوتي الداخلي صوت كريس قليسون في مقطعه الشهير (Nobody’s gonna know) حينما أحاول إخفاء شيء ما عن أنظار الآخرين.

هكذا تلبَّس صوتنا قوة الميم العاطفية. فنحن نستعير أصوات الآخرين المميزة، مؤقتًا، لنعبّر عن عاطفة ما بأسلوب مُضحك يقربنا من الناس ويرسخنا في ذاكرتهم، أو لكي نهوّن على أنفسنا في مواقف صعبة أو مزعجة، وهو ما قد يعجز عن تحقيقه صوتنا الداخليّ الطبيعي.


مقالات أخرى من نشرة أها!
6 سبتمبر، 2022

كم دقيقة تضيعها على جوالك؟

نعتقد أن الصباح سيكون طويلًا بما يكفي للقيام بكل ما نريد، فنستسهل الدقائق العشر المصروفة على الجوال والتي في الواقع تمتد إلى ساعات متفرقة.

أحمد مشرف
22 مارس، 2022

جسدك تحت رقابة مديرك

فكرة مراقبة الموظف جزءٌ من بنية الحياة الوظيفية، حيث ثمة ربط بين المراقبة والانصياع. لكن سيُفتح المجال للإنجاز إن انزاحت مراقبة الأخ الأكبر.

حسين الإسماعيل
27 فبراير، 2023

كيف تميز القارئ المبتدئ من بين ألف قارئ؟

مثلما أن القراءة عن تاريخ رياضة السباحة لن يجعلك سباحًا ماهرًا، فإن القراءة عن الفلسفة والفكر لن تجعلك فيلسوفًا. 

حسين الإسماعيل
8 مارس، 2022

إبداع بوكيمون طويل الأمد

حقَّقت لعبة «بوكيمون قو» أحلام جيلٍ بأن تكون البوكيمونات حقيقية. كما استخدمت العالم الحقيقي في بناء عالم اللعبة ومميزاتها.

حسين الإسماعيل
6 مارس، 2023

نهاية البوفيه في زمن العولمة

البوفيه يقوم أساسًا على كونه فضاءً اجتماعيًّا يهمش هذا التنميط والتقرير، هذا الفضاء الذي تفتقر إليه المطاعم الحديثة.

حسين الإسماعيل
17 مارس، 2022

ماكينة الخياطة وتطبيق «توكَّلنا»

عملية التعليم متبادلة وتربط بين جيلين؛ الأول يأتي بخلفية ثقافية عريقة ومهارات يدوية، والثاني بمعرفة التقنية الحديثة والأجهزة الذكية.

رويحة عبدالرب