هل شعرت بلسعة التضخم؟

في حوار مع أصدقاء، سألنا أحدهم بكل عفوية: «هل تحسون بالتضخم أو بس أنا؟» ما كان يحاول صديقي معرفته بطرح السؤال أن يفهم إن كانت المشكلة استهلاكية بحتة، أم هناك فعلًا تضخم يجري على الكل؟ 

قبل أن نجيب عن واقعنا السعودي، لنتجه أولًا للعالم. في نهاية يونيو، أُعلن عن وصول تضخم أسعار المستهلكين في الاتحاد الأوربي إلى 8.6%، أعلى مستوى منذ 1997. والسبب الفعليّ وراء التضخم ارتفاع أسعار الطاقة بنسبة 41.9% مقارنةً بالعام المنصرم، وارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 8.9%، خصوصًا بعد حرب روسيا وأوكرانيا. 

أما في أميركا، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 9.1% في يونيو مقارنةً بالسنة الماضية، وهو أسرع تضخم منذ 1981. وفي التضخم الأميركي، نجد أنَّ المسبب أيضًا ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء. 

لنعد إلى واقعنا هنا في السعودية. ارتفع التضخم لدينا في الربع الأول بنسبة 1.6% مقارنةً بنفس الربع من العام الماضي، وارتفع في مايو إلى 2.2%، وسبب التضخم الزيادة في أسعار النقل والغذاء. 

إذن صحيح، لدينا تضخم، وربما تشعر في بداية الأمر أنَّ الرقم -المنخفض نسبيًّا مقارنة بالتضخم الأوربي والأميركي- غير متسق مع ما تراه في يومك. لكن عليك أولًا معرفة هذه المعلومة. 

التضخم هو معدل سرعة ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات التي يشتريها المستهلكون، ويعتمد قياسه في السعودية على مؤشر أسعار المستهلك (CPI). ويعكس المؤشر التغيرات في الأسعار التي يدفعها المستهلكون مقابل سلة ثابتة من السلع والخدمات تتكون من 490 عنصرًا، وكل عنصر له وزن في المعادلة، وليسوا كلهم على حدٍّ سواء. 

فالتعليم مثلًا ارتفع في مايو 6.2% مقارنةً بمايو 2021، والمطاعم والفنادق 4.1%، لكن عنصر الملابس والأحذية انخفض 1.7%. ولو نظرت لأسعار الجملة ستجدها قد ارتفعت 12%، والسبب أنَّ المؤشر هنا يتضمن عناصر أقل، ولا يحسب كل شيء يشتريه المواطن مثل أسعار الخدمات. 

التضخم حقيقي ومتوقَّع أن يواصل الارتفاع، لكن طريقة معايشته مختلفة. فإن اشتريت ملابس جديدة قبل قضاء أمسية في المطعم مع الأهل أو الأصدقاء، فعلى الأغلب لن تشعر بلسعة التضخم، لكنك ستشعر بها حين تصلك فاتورة العشاء.