لدى بحثي عن ملحقات لجهازي الآيباد، قضيتُ أيامًا في الاطّلاع والتخطيط ومشاهدة تقييمات يوتيوب. وبعد شعوري بالدوخة من رؤية عشرات المنتجات، وعدم الاقتناع بموثوقيتها، اتّجهت نحو أقرب متجر إلكترونيات من منزلي، واخترتُ من الأكسسوارات القليلة المتوفرة هناك. هكذا، وخلال دقائق، خرجت بحل لمشكلتي.
لطالما كانت «الحرية المطلقة» وعدم محدودية الخيارات حلمًا لتقديم المحتوى والمنتجات عبر الإنترنت، فهي ما تميّز السوق الإلكترونيّة عن سابقتها التقليدية. فخبّازة الكعك لم تعد بحاجة إلى مخبز على أرض الواقع، وتستطيع البيع على المستهلكين مباشرةً من خلال متجرها على إنستقرام. الأمر كذلك لصانع المحتوى على يوتيوب، فبإمكانه مشاركة فيديوهاته مع جمهوره مباشرةً دون وجود محطة تلفزيونية تتوسط بينهما.
لكن هذا الحلم لا يمثّل سوى جزء من الواقع. إذ لا شك أن الإنترنت فتح أبوابًا لكل من يريد إنشاء قناة يوتيوبية أو متجر إنستقرامي، لكن شركات مثل قوقل وميتا لا تزال «تُفلتر» تجربتنا الإنترنتية. فكم سمعنا عن مقاطع من يوتيوب تُحذف أو حسابات في تويتر وإنستقرام تُحجب لعدم موافقتها شروط المنصة؟
هنا أتفهم الرغبة في وجود نسخة من الإنترنت لا يحكمها حرّاس التقنية؛ النسخة التي تُلقّب بـ«ويب ثري» «web3». فشركات التقنية العملاقة تضعنا جميعًا تحت سيطرة قراراتها التي قد لا تكون في صالحنا في كثير من الأحيان.
لكن كثرة الخيارات على الإنترنت في ظل تلاشي القيود قد تؤدي إلى حيرة في اتخاذ قرارات كانت أسهل مع وجود خيارات أقل. وتُسمَّى هذه الظاهرة «مفارقة الاختيار» (Paradox of Choice)؛ فمن يختار بين ثلاث كعكات معروضة في مخبز الحي، يسهل عليه الوصول إلى قرار أكثر ممّن يتصفح مئات الحسابات الإنستقرامية بحثًا عن كعكة.
ورغم أنَّ انتقاد حرّاس عالمنا مهم وفي محله، أرى فائدةً في الاستعانة بجهات كُبرى متحكّمة تحدد خياراتنا، سواءً أكان ذلك على أرض الواقع أم في عالمنا الافتراضي. فالمحطات التلفزيونية تُعد برامجها مع منتجين لديهم سنوات من الخبرة، ومنصات مثل يوتيوب وفيسبوك -رغم عيوبهما- تدعم صنّاع المحتوى في الوصول إلى جماهيرهم.
ولا بأس، في سعينا الأعمى نحو «الحرية المطلقة»، إن لجأنا بين فترة وأخرى إلى قيود التسوق من المتجر الصغير في الحيّ.
مقالات أخرى من نشرة أها!
عين دور النشر على كتابك المستعمل
تنظر بعض دور النشر إلى سوق الكتب المستعملة بعينٍ حاقدة. فما يباع هناك من كتب ربحٌ ضائع لأنهم ليسوا جزءًا من عملية البيع.
ثمود بن محفوظنفورنا من المنتَج المحلي سبب رداءته
أزعم أن رداءة هذا المنتج المحلي هو نتاج رداءة الممارسة الثقافية ذاتها وعدم مقدرتنا على معرفة موضوعاتنا الثقافية وأسئلتها.
حسين الضولماذا قررت أبل طباعة ساعتها الجديدة؟
تصنيع القطع داخليًا سيعطي أبل ميزة تنافسية في السوق، وتوافقية أفضل وأعلى متانة لمختلف أجزاء المنتج على مستوى البرمجيات.
حسن عليمهنتي لاعب رقمي
لم يعد الربح من الألعاب الرقمية يقتصر على الشركات، فقد طوَّر أبناء جيل الألفية مفهومًا آخر للعب. وينظر حاليًا إلى «القيمرز» كأصحاب مهنة.
شيماء جابرالنهاية المريعة للنظافة
مع مضينا نحو عصر تقنيات الواقع الافتراضي، هل سنظل نكترث إلى نظافتنا الشخصية وأشكالنا في الحياة الطبيعية، أم سنكتفي بجمال صورتنا الافتراضية؟
أشرف فقيهصُنع في الذاكرة
لا يمر يوم دون التقاطنا صور توثق لحظاتنا بأدق التفاصيل خوفًا من النسيان. لكن حتى تتشكل الذاكرة عاطفيًّا لدينا نحتاج إلى نسيان التفاصيل.
إيمان أسعد