أرح عقلك من عجلة الإنجاز
بسبب كمية المحتوى المتاحة اليوم تشكَّلت لدينا رغبة ملحة بضرورة تحقيق الاستفادة القصوى من كل لحظة عابرة في حياتنا. ومعها بدأت عقولنا تتعب.
هل تتذكر متى كانت آخر مرة وجدت نفسك فيها مستلقيًا على أريكة وتحدِّق في السقف بدون وجود أي ملهيات صوتية أو بصرية حولك؟ متى كانت آخر مرة سرحت في متابعة زخارف السجاد في صالة المنزل؟ آخر مرة حظيت فيها بفرصة «ألا تفعل شيئًا»؟ عند تذكرك متى، ستدرك متى كانت آخر مرة ارتاح فيها عقلك.
فوسائل التواصل الاجتماعي اليوم تساهم في تعزيز مبدأ الإنجاز والاستفادة القصوى من الوقت عبر حثنا على استهلاك أكبر قدر ممكن من المحتوى.
فلا يكاد يمر علينا يوم دون أن نسمع أو نقرأ عبارات مثل «اقضِ إجازتك في تعلم مهارة جديدة»، «خصَّص وقت فراغك للاستثمار في سوق الأسهم»، «استيقظ قبل وقت العمل بساعتين لتقرأ كتابًا أو تتعلم البرمجة»، «ضع لنفسك جدولًا للاستماع إلى الكتب الصوتية وأنت تقود السيارة» إلى آخره من سيل التحفيزات.
في استطلاع للرأي عنوانه «اختبار الراحة» (The Rest Test)، أجاب 68.4% من المشاركين بأنّهم في حاجة للراحة. ولدى سؤال 9% من المشاركين عن الكلمات التي ترتبط في عقولهم بمفهوم الراحة، أجابوا بكلمات مثل «أشعر بالذنب» و«مسببة للتوتر». ما يعني أن الراحة أو «ألا تفعل شيئًا» قد تجعل بعضنا يشعر بالقلق نتيجة الأشياء التي لا نفعلها أو التي لا نستغل وقتنا بفعلها.
وفقًا للبروفيسورة فيليسيتي كالارد من جامعة دورهام: «نحتاج حقًا إلى تحدي الافتراض القائل بأن الشخص الذي يحتاج وقتًا أكثر للراحة شخصٌ كسول.»
إذ بسبب كمية المحتوى المتاحة اليوم تشكَّلت لدينا رغبة ملحة بضرورة تحقيق الاستفادة القصوى من كل لحظة عابرة في حياتنا. ومعها بدأت عقولنا ترهق وتتعب، مما يفقدنا التركيز أو يقلل من إنتاجيتنا.
صحيح يرتاح الجسد بقضاء الإنسان ثماني ساعات نوم يوميًا، لكن هذا لا يشمل العقل الذي يحتاج إلى راحة من نوع آخر هي «الراحة المعرفية». وتعني «الراحة المعرفية» توجيه العقل إلى العمل التلقائي عبر أداء مهام بسيطة وخفيفة لا تحتاج لمجهود ذهني مثل المشي أو ممارسة رياضة تتطلب مجهودًا بدنيًا عاليًا.
لذا امنح نفسك اليوم نصف ساعة للمشي، بشرط عدم ارتدائك سماعتك لاستهلاك مزيدٍ من المحتوى.
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.