الحرب في العالم الافتراضي

حين تأخذ الحرب شكلًا افتراضيًا في عالم مثل «الميتافيرس»، لن يصعب علينا أن نتخيل كيف سيتغير شكل الحرب حينها مع القدرة على اختراق البيانات.

جنود من الجيش الهولندي يجرون تدريبات على نظام (DSTS) الافتراضي / Gertrud Zach

اشترك في نشراتنا البريدية

يمكنك أن تختار ما يناسبك من النشرات، لتصلك مباشرة على بريدك.

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
9 مارس، 2022

في غرفة ضيقة لا يضيئها إلا شاشة الحاسوب، يزين الحائطَ خلفها صورة الطائرة الثانية وهي تخترق برجي التجارة العالمية. كل ما في هذه الغرفة موجود لسبب ما، فالصورة -مثلًا- وجدت لتذكير لاعبي الفيديو المحترفين، الذين صاروا فجأة جنودًا في الجيش الأميركي بفضل شغفهم هذا، بأن الطيارات التي يتحكمون بها لتصل إلى آلاف الكيلومترات، ستلقي قنابلها لتقتل «الأشرار» أنفسهم الذين تسببوا بأحداث 11 سبتمبر.

يقول أحدهم «كأنك تلعب لعبة فيديو، ولكنك عالق في المرحلة ذاتها».

الحرب ليست إلا لعبة

لا يعد هذا الاهتمام البالغ بالقتال في عالم افتراضي جديدًا في القطاع العسكري. ففي ثمانينيات القرن الماضي، استخدم الجيش السوفيتي نظامًا بُرمج للتنبؤ بهجوم أميركي، فيما استخدم نده نظامًا افتراضيًا لمحاكاة القتال في ساحة المعركة بغرض تدريب الجنود.

تعتمد ألعاب الفيديو هذه في نطاقها العسكري على نظرية رياضية تسمى «نظرية اللعب»، تركز على وضع اللاعب في بيئة واقعية غير حقيقية لتعرضه لاحتمالات لم يفكر بها، بعيدًا عن التوقعات المبنية على الخبرة القتالية. 

اللعب استعدادًا للحرب 

يستخدم اللعب عادة في مراحل ما قبل الحرب: فإما أن يتدرب الجندي باستخدام لعبة فيديو ونظارات «الواقع الافتراضي» (Virtual Reality)، أو أن يلعب الجيش حربًا وُضعت أسبابها وظروفها ومكانها في سيناريوهات دقيقة جدًا لتأتي نتائج اللعبة ضمنها.

وهو ما يتوقع حدوثه حين يقرر الجيش تأسيس عالم افتراضي متكامل خاصٍ به أو «ميتافيرس» (Metaverse). فقد أعلنت شركة كورية متخصصة في بناء أنظمة محاكاة عسكرية عن تطوير نظام خاصٍ بخلق عوالم «ميتافيرس» عسكرية، بغية تقديم مستوى أفضل من الخدمات التي تقدمها أنظمة المحاكاة الاعتيادية.

ساحة الحرب الافتراضية

تشير التوقعات حتى الآن إلى أن استخدامات هذا العالم الافتراضي ستكون في نطاق تدريبي واجتماعي، أو أنها ستكون أداة جذب للشباب  للالتحاق بالجيش، وهذه مرحلة متقدمة من جهود يُعمل عليها الآن بتقنيات أقل تطورًا.

ولكن يمكن لهذه النقلة، التي لا يراد لها -فيما يبدو حتى الآن- إلا أن تكون من جانب واحد (مقاتلي الجيش) أن تحول ساحة القتال كلها -بغير قصد من الطرف المستخدم لها- إلى ساحة افتراضية، مع الاستعداد الذي أبدته قوى عسكرية عظمى حول العالم للقتال في ساحة افتراضية مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين بالإضافة إلى كوريا الشمالية

فحين تأخذ الحرب شكلًا افتراضيًا في عالم مثل «الميتافيرس»، لن يصعب علينا أن نتخيل كيف سيتغير شكل الحرب حينها. إذ تستطيع القوى العسكرية العظمى في العالم اختراق «العوالم الافتراضية» لأعدائها بكل ما تحويه من بيانات حساسة، فتغدو حربًا إلكترونية.

تسويق الموت 

في عام 2008، شهد مركز عسكري في الولايات المتحدة وقفة احتجاجية على النشاطات التي يمارسها المركز. إذ استقبل مراهقين لتعريفهم بمهام الجندي، وأطلعهم على جهاز محاكاة يحمل لاعبه سلاحًا ويأخذه إلى العراق، أو إلى الحدود الأميركية مع المكسيك للتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين. رأى المحتجون أن أساليب كهذه تسوّق الموت للأطفال.

وبالفعل، فإن قتل الآخر يصير سهلًا إن لم تكن تراه، أو حين يسهل عليك قولبته بصفته عدوًا آخر، بعد أن اعتدت خلع صفة الإنسان عنه خلال تدريبك للقائه. يقول مشغل سابق لنظام الدرون في الجيش الأميركي إن هذا يعد محوًا للجانب الإنساني في الحرب، «فما الذي سيمنعنا الآن من إرسال روبوتات بهيئة بشرية إلى بلد آخر للقضاء على شعب بأكمله؟»

الروابط:


اقرأ المزيد في المستقبل
مقال . المستقبل

لماذا لا ينجح إصلاح التعليم في دول الخليج العربية؟

هاجس الإصلاح الإقتصادي هاجس تتشاركه دول الخليج، ويشكل إصلاح التعليم جزء من هذا الهاجس. لكن كيف لنا أن نحدد أين الخلل؟
إبراهيم الحوطي
مقال . المستقبل

هل ستتحقق نبوءة قسطنطين؟

تنبأ قسطنطين بالحداثة الغربية وهي تغرق في وحل زمن الآلة الذي سينتزع من الإنسان إنسانيته ويحكم عليه بالفناء. فهل ستتحقق نبوءة قسطنطين؟
أروى الداوود
مقال . المستقبل

بين الماء والسّماء: النفايات البلاستيكية

أحد تلك الأمور المشينة التي يقترفها الإنسان بحق موارده الطبيعية هي تسببه في تلوث المحيطات من النفايات البلاستيكية على مدار سنوات طوال.
أسماء العتيبي
مقال . المستقبل

العلماء: الكتب الورقية لن تموت

بعد هذه السنين كلها لا تزال الكتب الورقية على قيد الحياة وبصحة جيدة. نعم، فوفقًا لدراسة قام بها مركز بيو للأبحاث وجد أن الكتب المطبوعة لا تزال محتفظة بـ...
تهاني عبدالرحمن
مقال . المستقبل

عام بلا صيف

ترتفع اليوم أصوات عديدة تتسائل عن تبدل المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري والأخطار المترتبة عليها. لماذا هذا الاهتمام بالموضوع؟ وهل فعلًا الأرض معرضة للخطر؟
أسماء العتيبي
مقال . الثقافة

موت المؤلف بالضربة القاضية

حتى تحافظ منصات المشاهدة على أرباحها الخيالية، وتضاعف إنتاجها بمحتوى جديد يحافظ على اهتمام المشاهد واشتراكه، لن يعود المؤلف البشري كافيًا.
أشرف فقيه