أتذكر جهاز المناداة الصغير «البيجر» (pager) من أيام طفولتي، حيث كان يستخدمه والدي في أواخر التسعينيات للتواصل العاجل مع زملاء عمله في قطاع الاتصالات. وأتذكر توجّه والدي المستعجل نحو أقرب هاتف ثابت لدى رنين الجهاز. لكن سرعان ما تلاشى الاحتياج مع ظهور الجوالات المتنقلة، وظل جهاز المناداة نسيًا منسيًا على رفِّ الذكريات.
انتعشت ذكرياتي من جديد حين رؤيتي صورة جهاز مناداة في إنستقرام وبجانبه سؤال: «هل كان هذا الجهاز “كشخة” على أيامكم؟». لم يخطر على بالي نهائيًا أنَّ الجهاز ربما كان «كشخة» أو (cool) في زمن من الأزمان، على نقيض ما قالته صاحبة الصورة. فهي اشترت الجهاز وقت كانت مراهقة تأثرًا بالإعلانات والمسلسلات التلفزيونية، دون أن يكون لديها أي احتياج له.
لا أُنكر أنَّ لجهاز المناداة استخدامات محدودة لا تزال موجودة، لكن مصيره كان مصير الكثير من الأجهزة ومنصَّات التواصل الاجتماعي التي أطلت علينا؛ تبدأ كشخة، تُستخدم لفترة، ثم يحل محلها جهاز أسرع أو منصة أفضل فتصبح جزءًا من التاريخ.
قد تكون منصة «ماي سبيس» (MySpace) أوضح مثال على بداية «الكشخة». فالموقع جذب عددًا هائلاً من المراهقين، ومع بداية الألفية الجديدة كانت زميلاتي المراهقات يتباهين بصفحاتهن المزيّنة بملصقات افتراضية وخانات دردشة. لكنها أيضًا أصبحت ذكرى على رف تاريخ التقنية بعد مجيء فيسبوك وغيرها من المنصات.
أتساءل ما إن كانت التقنية التي نستخدمها الآن سوف تندثر في يوم من الأيام أم لا. لكن بعد رؤية كاميرات تناظرية من التسعينيات في متجر أثريات قديم في سوق الزل، أيقنت أنَّ تلاشي التقنية وكشختها أمر حتمي.
فتغيّر السؤال الذي كنت أطرحه بيني وبين نفسي إلى تساؤل آخر: كم بقي لي من الزمن قبل تحوّلي أنا وتقنياتنا إلى جزءٍ من ذكريات التاريخ المعلَّقة في متاجر الأثريات؟ هل سيقول أحفادي: «جدّتنا كانت تحضر محاضراتها بالجامعة عبر زوم على الآيباد؟»
سينتهي زوم على رف الذكريات، لكن الآيباد قد لا يجري مجراه. فقد يجد نفسه معلّقًا في محل صغير في سوق الزل، محلٍّ يتاجر بما أسمّيه «الكشخة المتقادمة»، ويسمّيه العالَم (vintage).
مقالات أخرى من نشرة أها!
لا تلغِ النسيان يا إيلون
ماذا لو زُرِعت الرقائق في الدماغ لتضاعف من قدراته وتخزّن الأفكار والأحلام؟ بغض النظر عن إمكانية تحقق ذلك، يظل التفكير في ذلك خطيرًا ومخيفًا.
أشرف فقيهلماذا لا أستثمر في تسلا؟
لا أتحمّل أن أكون رهين قرار شخص عبقري لكنه مزاجي، فضلًا عن ذهاب مدخراتي وكدحي إلى حساب شخص حاد المزاج قد يغيّر رأيه في أي حال.
تركي القحطانيالموظف غير المدخّن يستحق إجازة أطول
اعترف صديقي أنه لم يبدأ رحلته في التدخين إلا حين صار موظفًا، إذ منحته السجائر في المقام الأول فرصةً للتعرف على الناس في بيئة جديدة.
حسين الإسماعيلأعترف، أحب المواعيد النهائية
تذكّر أنَّ المواعيد النهائية حليفتك، وليست ذلك الوجه المتجهم الذي يراقبك وسيظل يراقبك إلى أن تنجز عملك.
ياسمين عبداللهلماذا لا تريد الشركات أن نرى الألوان؟
الألوان تميزك، والشركات الغربية تريدك أن تكون نسخة لا تفضل ألوانًا بعينها، ليعجبك خط إنتاجها الموحد، الأوفر والأكثر ربحًا لها.
أنس الرتوعينتفلكس لن تختار لك جلباب أبي
تستخدم منصات البث العديد من الخوارزميات التي تحلل حركتنا داخل التطبيق، ومع الوقت تبني لنا أذواقنا عبر اقتراحها ما يجب أن نشاهده.
أنس الرتوعي