من لول إلى الصوابيَّة

كما أدخلت التقنية كلمات جديدة على كلامنا، فهي تدفعنا أيضًا إلى تغيير طرقنا في التعبير. ليس بهدف الابتكار، بل هروبًا من الحظر والرقابة.

التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي / Rishab Soni

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
20 فبراير، 2022

كم مرة جلست مع أصدقائك تحدثهم عن مقالة أو فيديو شاهدته، فيطلب أحدهم منك إرسال «اللينك» على واتساب. وبعد أن تشاركه يرسل لك 👍 للتأكيد على وصوله. هذا التفاعل التقني في ظاهره جاء بواسطة اللغة؛ اللغة التي غيرت التقنية والإنترنت من شكلها.

في البداية جاء التغيير صغيرًا على شكل كلمات مستعارة مثل «لول» و«برب» و«تيت» المنقولة من الإنقليزية لتصبح جزءًا من أدبيات محادثاتنا الكتابية ومفرداتنا. ومن يدري، لعلَّها تصير بعد عقود جزءًا رسميًا من لغتنا.

يعود أحد أسباب ظهور هذه الكلمات إلى طبيعة الوسط المستخدم في التواصل. ففي حين يسهل عليَّ قول «أشوف وشكم بخير» للجالسين، فالكتابة والردود السريعة التي كانت من خصائص برامج المحادثة حين انتشرت أجبرت المستخدمين على الخروج بطرق تعبير تحاكي سرعة الكلام. وما الاختصارات والإيموجي إلا ابتكارات حسَّنت من ذلك.

هذا التداخل في الحوار بين برامج المراسلات والكلام الشفهي تسبَّب في تداخل الكلمات بين القول والكتابة. فوجدت مصطلحات طريقها من الشاشة إلى ألسنتنا مثل «بلوك» و«كنسل» و«شير اللوكيشن» لتصبح كلمات لها دلالات واضحة ينطقها لسان القاصي والداني.

لكن كما أدخلت التقنية كلمات جديدة على كلامنا، فهي تدفعنا أيضًا إلى تغيير طرقنا في التعبير. ليس بهدف الابتكار، بل هروبًا من الحظر والرقابة الذي تتولاه الخوارزميات وبرامج الذكاء الاصطناعي.

فقد لوحظ لجوء بعض مستخدمي تك توك إلى صياغة الجمل بطرق ملتوية لتفادي خوارزميات الحجب التي تبحث عن كلمات قد تراها الإدارة «مسببة للمشاكل» كقضايا التحرش الجنسي أو الانتحار. وتك توك ليست الوحيدة، فأغلب المنصات الكبيرة تستخدم خوارزميات الحجب، والكل يحاول التحايل عليها.

مشكلة هذه الرقابة أنها مدفوعة بمصالح مادية وليس أخلاقية. وفي حين خرجت المصطلحات القديمة نتيجة حاجة إلى تلبية السرعة والاختصار ونقل الفكرة بسرعة، فالرقابة المدفوعة بالخوارزميات والذكاء الاصطناعي والحجب ستنقل اللغة في الإنترنت إلى شكل مختلف. 

مع الوقت ستجهد حتى تبدو لغتك «مصيبة سياسيًا» لا رأي واضح فيها ولا نقد تجنبًا للعواقب، وهنا خوفي من تأثير هذا التغيير على تفكيرنا. فاللغة أداة المعرفة، وإن تشوَّهت هذه الأداة ستصبح المعرفة مشوَّهة هي الأخرى، بعد أن صار كل شخص منّا «يخلي باله من لغاليغه».


مقالات أخرى من نشرة أها!
20 مارس، 2023

هذه حكايتنا مع رمز القلب ❤️

سيظل ❤️ جزءًا أساسيًّا من لغة تواصلنا، ولن يظل لوقتٍ طويل رمزًا للكهولة وموضة قديمة. فقد أثبت الرمز قدرته على البقاء وتطوّر استخدامه.

رويحة عبدالرب
3 أغسطس، 2022

هل وصلك الإيميل وأنت بصحة جيدة؟

لأنَّ من الصعب نقل مشاعرنا عبر نصوص صماء، نضطر لإدراج بعض العبارات الشكلية، لا لشيءٍ سوى إيحائها بأننا لسنا مشدودي الأعصاب. 

حسين الإسماعيل
6 يناير، 2022

ذكرياتي مع رفيقي بودكاست

البودكاست يستخدم إحدى أقدم الطقوس البشرية وأكثرها طبيعية: الاستماع لصديق يحكي قصّة جيّدة، وهذا ما يعطيه ثقلًا عاطفيًا مختلفًا.

مازن العتيبي
27 فبراير، 2022

الحرب العالمية الثالثة لن تندلع في أوكرانيا 

تصاعد هاشتاق «الحرب العالمية الثالثة» مع أحداث الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن أوكرانيا لن تكون فتيل الحرب العالمية الثالثة، بل تايوان.

نايف العصيمي
29 مايو، 2022

هل يجب أن يفيدك التعليم في وظيفتك؟

من شأن تعليمٍ في الآداب أن يكون «استثمارًا» ذاتيًا. فمهارات التفكير النقدي والاطلاع الواسع التي سأكتسبها تعود إيجابيًّا على أدائي الوظيفي.

حسين الإسماعيل
26 يونيو، 2022

اختر بطاقتك الائتمانيّة بعناية قبل سفرك

أداتك في دفع مصروفات سفرك تستحق منك التفكير والوعي بمتطلباتك، ثم البحث عن أفضل بطاقة تدفع فيها أقل رسوم ممكنة مع أكثر فائدة لك.

تركي القحطاني