هل يمكن للموضة السريعة أن تكون أخلاقية؟
تستنزف شركات الموضة موارد الطبيعة. وبعد سنوات من وعود بتحول إلى موضة خضراء، لم تحرز هذه الشركات تقدمًا ملحوظًا إلا في السنوات الأخيرة.
لا أزال أذكر دعايات «إتش آند إم» التي غطت شوارع البلد. تلك الحسناء الشقراء بأزيائها الأخاذة، أتأمل في وجهها الذي أعرفه ولا أعرفه. جائني الرد في اليوم التالي في المدرسة: «مادونا! ألا تعرفينها؟» كانت نظرة استهجان ممزوجة بخيبة، وكأن صاحبتها تقول لي بأنني بهذا السؤال قد تخليت عن شرف التسوق في هذا المحل بأسعار ثيابه الرخيصة التي صنعت بأيدي أطفال من بنغلاديش يعيشون تحت خط الفقر.
اليوم وبعد سنوات بعد التخلي الطوعي لهذا الشرف حدث الكثير، وإن قال لك التونبرقيون (مؤيدو الناشطة السويدية قريتا تونبيرق) غير هذا. فالتغيير الذي ساقه الناشطون البيئيون والمستهلكون المهتمون بمستقبل البيئة في صناعة الموضة لا يمكن نكرانه.
انهيار المصنع
أتى عام 2013 ببدايات وعي عالمي أكبر بما يحدث قبل أن تُعرض قطعة الثياب في المحلات، حيث انهار مصنع صغير ورث الحال توفي على إثره 1,100 من عُماله. عُرف عن الشركة السويدية «إتش آند إم» حينها بأنها أكبر مستفيد عالمي من هذه المصانع الرثة والتي عادةً ما يكون بناؤه مخالفًا للقانون، لذا فقد جاء الضغط الذي أتت به جماعات حقوقية واتحادات عمالية على «إتش آند إم» بنتيجة ملموسة حين وقعت اتفاقًا مع شركات غربية لوضع معايير أمنية في تلك المصانع، مع تحسينات أخرى لظروف العمال، ووعود بزيادات في مستحقاتهم لا زالوا يتأملون الإيفاء بها.
موضة سريعة ولكن مستدامة
تُصنِّع شركات الموضة سنويًا ما بين ثمانين ومائة وخمسين مليار قطعة ثياب سنويًا، وهو ما يشكل استنزافًا لموارد الطبيعة. بعد سنوات من وعود بتحول إلى موضة خضراء، لم تحرز شركات الموضة تقدمًا ملحوظًا إلا في السنوات الأخيرة. فبعد اتهامها بالتسبب بنسب تلوث خطيرة في مياه المكسيك، أطلقت شركة «ديفيز» (Levi’s) حملة «اشتر أفضل والبس لمدة أطول» بالإضافة إلى استخدام نسب تتفاوت ما بين 20% و60% من مواد صديقة للبيئة في تصنيع ثيابها.
لا أعلم إن لاحظت أن الأرقام والمعلومات التي وضعتها أمامك ليست بالدقة المطلوبة، ليس هذا لأنني أكتب هذه التدوينة على عجل بعد فوات الموعد النهائي للتسليم بساعات، ولكن لأن هذه الصناعة تعاني من مشكلة حقيقة مع الشفافية. فهدف التحول لصناعة موضة سريعة وأخلاقية في الوقت ذاته ليس سهلًا. فبناء نموذج عملٍ جديد مبني على العناية بالطبيعة والإنسان يحتاج وقتًا لا تملكه صناعة مشغولة بوضع قطعة ثياب جديدة أمام مستفيديها مرتين شهريًا.
لكن لا مانع اليوم من أن تربت على كتفك وأن تتسوق في أحد الأقسام الصديقة للبيئة في تلك المحلات، على ألا تشتري منها كل أسبوعين.
الروابط:
بُكرة، لكل الشباب الواعد، نطرح أسئلتنا الكبيرة والصغيرة والمتغيرة والعالقة، مع مختصّين وباحثين وعُلماء، ونفهم معهم كيف نعيش ونستعد ونعمل من أجل مُستقبل أفضل.