قبل يومين وجّهت سيارتي للساحل الشرقي، وأول فكرة خطرت إليّ كانت: «وش ابسمع اللحين؟»
ما إن اختفت مباني الرياض كاشفةً الصحراء حولي، هاجمتني ذكريات المرات العديدة التي خضت فيها الرحلة نفسها، على الطريق نفسه، وارتباط ذكرياتي هذه بالمحتوى الصوتي الذي كنت أستهلكه.
بعد أول ماكدونالدز في الطريق استمعت إلى «ذس أميركان لايف» (This American Life) للمرة الأولى، الاستماع الذي كان مدخلًا مثيرًا وغريبًا إلى عالم الوثائقيات الصوتية. وعلى الطريق نفسه أثار الموسم الأول من «إنتو ذا دارك» (Into the Dark) رعبي.
في الاتجاه المعاكس للرحلة، بدأتُ «سيريال» (Serial) وأنهيته، والذي حمَّلت حلقاته على فلاش قبل معرفتي بتطبيقات البودكاست. وعلى طرف الظهران، باتجاه الجبيل، استمعت إلى «فنجان» للمرة الأولى: خالد الرشيد يجمع الضد والضد.
إذا كان التفاعل مع تطبيقات التواصل الاجتماعي في أصله تفاعلًا حديثًا مشوَّهًا، فترى أنظار شخصٍ ما مسمّرة على هاتفه بينما يقهقه أو يتمتم بينه وبين نفسه، فالتفاعل مع البودكاست تفاعلٌ بشريٌّ طبيعي.
ضحكي على سرد الوليد لمغامراته في حلقة «37 مليون ريال» لا يختلف عن ضحكي على سرده لمغامراته في المكتب. وكذلك ضحكي على بودكاست «ذا دولوب» (The Dollop)، لو رأيتني أتفاعل معها في سيارتي لتخيّلت أنَّ صديقًا يجلس معي ويحكي لي قصةً مضحكة.
هذا ما يفرّق البودكاست عن وسائل التواصل الاجتماعي التي تعتمد على النص أو الصورة. فالبودكاست يستخدم إحدى أقدم الطقوس البشرية وأكثرها طبيعية: الاستماع لصديق يحكي قصّة جيّدة، أو الاستماع لصديقين يخوضان حوارًا مثيرًا للاهتمام.
هذا الاستخدام يعطي البودكاست ثقلًا عاطفيًا مختلفًا، ويجعله اليوم من أكثر وسائل الترفيه الصوتي نموًّا مع خمس وأربعين مليون حلقة متاحة لك من أرجاء العالم حتى تسمعها على الطريق.
قلقي الوحيد أنه إذا أمد الله في عمري ووصلت سنين الخرف، قد تمتزج أصوات البودكاست وشخصياته في ذاكرتي. أتخيلني أحكي لأولادي عن سارة، صديقتي التي كانت ترافقني في السيارة من الطائف إلى الشرقية، وتحدّثني عن زميلها المسجون عدنان!
مقالات أخرى من نشرة أها!
لا ترهن حياتك للأعطال التقنية
كي لا نقع في الفخ وتتعطل أمورنا، علينا ألا نبني حياتنا على مزود خدمة واحد. كأن يكون لدينا حسابٌ بنكي في أكثر من مصرف مثلًا.
أنس الرتوعيالحياة القصيرة السريعة
مع ازدياد انغماسنا في الشبكات الاجتماعية تمر علينا الحياة القصيرة بسرعة، نكاد معها نفوت فرصة منح وقتنا لمن نحب وما نريد أن نحقق.
عبدالرحمن أبومالحأريد لأجهزتي أن ترعاني
من جوال نوكيا إلى اليوم، تطورت أجهزتي وتعددت مهامها وازدادت ذكاءً. لكنّها عقّدت عليّ مهمة واحدة: الاعتناء بها.
أنس الرتوعيلماذا لا يعوّض البنك ضحية الاحتيال؟
بالنسبة لعمليات الاحتيال التقنية الخارجة عن إرادتك، ستكون مسؤولًا عنها حتى يتثبّت البنك من عدم وجود أي تفريط أو تقصير منك.
تركي القحطانيأرح عقلك من عجلة الإنجاز
بسبب كمية المحتوى المتاحة اليوم تشكَّلت لدينا رغبة ملحة بضرورة تحقيق الاستفادة القصوى من كل لحظة عابرة في حياتنا. ومعها بدأت عقولنا تتعب.
أنس الرتوعيالتأريخ ما بعد تمبلر
رغم تعنُّت المؤرخين من استعمال العالم الرقمي في أبحاثهم، تظل إشكالية أنَّ التأريخ الذي لا يمكن التحقق من صحة مصادره سيغدو أقرب للحكايا.
حسين الإسماعيل