الحياة القصيرة السريعة
مع ازدياد انغماسنا في الشبكات الاجتماعية تمر علينا الحياة القصيرة بسرعة، نكاد معها نفوت فرصة منح وقتنا لمن نحب وما نريد أن نحقق.
هذه أفكار غير مترابطة أو مترابطة، أكتبها في عجلة من أمري كما أفعل كلَّ شيء في هذه الحياة. أعتقد أنّي ولدت وأمّي وأبي وأنا في عجلة من أمرنا. وسأموت وأدفن والكلُّ وأنا في عجلة من أمرنا.
في ستينيات القرن الماضي، قال طه حسين ممتعضًا من الزمن: «مع الأسف الشديد، عصر السينما والتلفزيون والراديو والتمثيل يمنع الناس من القراءة. يأخذ عليهم أوقاتهم فلا يقرؤون.» وأتذكر حين سمعته يقولها، توقفت، ونظرت إلى حالي اليوم مع كل الشبكات الاجتماعية والوقت السريع المتسارع. ولا أخفي عليكم كثير انزعاجي من حالي مع الوقت والسرعة.
وتذكرت مقولة لناظم حكمت، يحكي فيها حال سرعة الوقت: «لا يُشغل الموتى أُناس القرن العشرين أكثر من سنة.» فزاد انزعاجي من نفسي ومن جوالي ومن التواصل الافتراضي.
كنت أخفف على نفسي، فأقول إنَّ هذا حال البشرية. فقد كتب المؤرخ الفرنسي جول ميشليه في 1874: «إن إحدى أخطر الوقائع وأقلّها ملاحظة، أنَّ حركة الزمن قد تغيّرت تغيرًا كليًّا؛ فقد ضاعف الزمن من خطواته بطريقة غريبة. ثورتان، إقليمية وصناعية، خلال فترة حياة إنسان وحسب.»
وكتب شاتوبريان: «بدأتُ كتابة المقالة عام 1794 وكنت أمحو بالليل ما كتبته بالنهار. فالأحداث كانت أسرع من قلمي. كنت أكتب على سفينة أثناء العاصفة، وأزعم أني كنت أرسم ما يشبه أشياء ثابتة.»
لكني أعود بين حين وآخر إلى مقالة لبول قرام عن الحياة القصيرة السريعة. يقول: «نعيش حياة تعتقد أن كلّ ما فيها من حولك جزءٌ من الحياة، إلى أن يزول… تتوقع وجود أمك حولك دومًا فتلهى عنها، حتى لا تعود تجدها حولك. أو تتوقع أنك تستطيع كتابة الكتاب في يومٍ ما، أو تنهي ماراثون، أو أي شيء تتوقعه جزءًا من الحياة ستستطيع الحصول عليه متى سنحت الفرصة. حتى تكتشف أن النافذة أغلقت.»
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.