وهم الأغذية العضوية
هوس الغذاء المتوازن وأسلوب الحياة الصحي بدأ بالانتشار مؤخرًا، فترى الناس وهي تتهافت على الأغذية العضوية وكأن ما دونها مجرد قطع بلاستكية.
هوس الغذاء المتوازن وأسلوب الحياة الصحي بدأ بالانتشار مؤخرًا، فترى الناس وهي تتهافت على الأغذية العضوية وكأن ما دونها مجرد قطع بلاستكية، في حين تتسابق المتاجر في رفع أسعار كل ما هو عضوي مستمتعة بأرباح هذا الهوس الجديد. تتميز هذه الأغذية عن غيرها بأنها تُنتج بأساليب لا تتضمن مدخلات صناعية مستحدثة غير طبيعية، من مبيدات حشرية صناعية وسماد كيماوي، وخلال إنتاجها لا يتم تعديلها بالتعرضللإشعاعأو بالمذيبات الصناعية أو بالمضافات الكيميائية.
حين تسأل أحد مستهلكي الأغذية العضوية عن سبب اختياره لها دون غيرها، سيكون جوابه القيمية الغذائية العالية، أو الطعم اللذيذ، أو قد تكون ذو حظ سيء فتسأل أحد أنصار البيئة ليجيبك بمحاضرة مطولة عن أضرار الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية المستخدمة في زراعة الأغذية الغير عضوية (التقليدية) على الأرض والبيئة، جميع هذه الأسباب تبدو مقنعة للغاية فالجميع يريد طعام لذيذ ذو قيمة غذائية عالية، ولا أظن أنّ أحدًا يريد إلحاق الضرر بكوكبنا العزيز المحتضر أصلاً، ولكن دراسة جامعة ستانفورد الأمريكية على الأغذية العضوية خرجت لنا بنتائج قد تكون صادمة للبعض.
لا وجود لأدلة قوية..
نشرت جامعة ستانفورد الأميركية دراسة قام بها عدد من الباحثين حول الأغذية العضوية والأغذية التقليدية وتأثيرها على صحة الانسان ، الدراسة التي شملت17 بحثًا قارنت بين أشخاص يتناولون أغذية عضوية وآخرين يتناولون أغذية تقليدية على مدى سنتين، وتضمنت الدراسة أيضا 223 بحثًا آخرًا يقارن مستويات العناصر الغذائية والبكتريا والفطريات والمبيدات في أغذية مختلفة بما في ذلك الفواكه والخضراوات والحبوب واللحوم، لتخرج لنا بمعلومة صادمة مهمة مفادها أنه لا وجود لأدلة قوية على أن الأغذية العضوية ذات قيمة غذائية أعلى، أو أنها تحمل في طياتها مخاطر صحية أقل من الأغذية التقليدية على الرغم من أن استهلاك الأولى قد يقلل من خطر التعرض للمبيدات الكيميائية إلا أن مستويات الكيماويات في نظيرتها لم يتجاوز الحد المسموح به صحيًا.
دراسة مثيرة للجدل كهذه لا يُستغرب انقسام الناس على إثرها ما بين مؤيد ومعارض، فهناك من يرى أن هذه النتائج قد لا تكون بتلك الدقة فدراسة تأثير الأغذية على صحة الإنسان دراسة طويلة المدى تحتاج لعشرات السنين حتى تظهر نتائجها بوضوح، موقنين بأن فوائد الأغذية العضوية وانخفاض تعرضها للمبيدات الكيميائية ذو فائدة كبيرة لن تظهر إلا على الدى البعيد، في حين يرى آخرون مؤيدون للدراسة أن الأغذية العضوية ماهي إلا خدعة تسويقية استغلها التجار لرفع أسعار منتجات لا تختلف عن غيرها سوى بملصق التغليف، وأن التقنية الزراعية والمبيدات والأسمدة الكيماوية المستخدمة لإنتاج المحاصيل التقليدية أصبحت أمرا حتميًا للوقاية من الحشرات والفطريات الطبيعية السامة التي قد تكون أكثر فتكًا بالإنسان من تلك الكيماويات، متهمين أنصار الأغذية العضوية بأنهم لوديتس القرن الحادي والعشرين .
هذه الدراسة وغيرها من الدراسات المشابهة لن تكون سببًا في إيقاف إنتاج الأغذية العضوية، ولكنها بلا شك ستطيل من مدة وقوفك أمام أكوام الفواكه والخضروات في المتاجر متسائلًا ما إذا كنت تفضلها عضوية أم تقليدية.