لم نعمل ثماني ساعات في اليوم
يدق جرس المنبه ليوقظك من نومك وتضغط على زر الغفوة كي تسرق بعض الدقائق التي تعتقد أنها ستمدك بالحيوية وسرعان مايدق المنبه مرة أخرى. حان وقت الاستيقاظ والتجهز والذهاب إلى وظيفتك لتقضي مابين ثمان إلى تسع ساعات يومياً يضيع الكثير في تصفح الشبكات الاجتماعية، الأحاديث الجانبية وحتى التفكير في مشكلة الاقتصاد العالمي مع أنك مفلس ولا تجيد التوفير. لست هنا لأذكرك بفشلك بتوفير مبلغ من المال ولكن للحديث عن "ساعات" الدوام التي تكرهها.
يدق جرس المنبه ليوقظك من نومك، وتضغط على زر الغفوة كي تسرق بعض الدقائق التي تعتقد أنها ستمدك بالحيوية. سرعان ما يعود المنبه مرة أخرى. حان وقت الاستيقاظ والتجهز لوظيفتك، لتقضي مابين ثمانٍ لتسع ساعات يوميًا، يضيع الكثير منها في تصفح الشبكات الاجتماعية والأحاديث الجانبية، وحتى التفكير في مشكلة الاقتصاد العالمي مع أنك مفلس ولا تجيد التوفير. لست هنا لأذكرك بفشلك بتوفير مبلغ من المال ولكن للحديث عن ساعات الدوام التي تكرهها.
لم ثمان ساعات؟
يعتقد البعض بأن هنري فورد كان وراء فكرة دوام الثمان ساعات. ولكن الفكرة تعود إلى القرن التاسع عشر وإلى بريطانيا التي كانت في مصاف الدول الصناعية آنذاك. آنذاك، لم تكن حياة العمال ووقتهم محط اهتمام صاحب العمل، وامتدت ساعات العمل إلى ست عشرة ساعة لستة أيام في الأسبوع. لك أن تتخيل تأثير مدد العمل الطويلة على حياة العمال وعوائلهم. في ذلك الوقت بزغ نوع من الفكر الإشتراكي يسمى الإشتراكية الطوباوية، والتي كان روبرت أوين أحد مؤسسيها ومن أوائل من دعوا لتقليل مدة العمل إلى ثمان ساعات. حين قال بأن «اليوم يجب أن يقسم إلى ثمان ساعات للعمل وثمان ساعات للاستجمام، وثمانٍ أخرى للراحة.»
ثمان ساعات للعمل وثمانٌ ساعات للإستجمام وثمانٌ للراحة
في بداية الأمر، طبّق أوين نظام العشر ساعات في مصانع القطن الخاصة بهم في قرية نيو-لا ارك، لتصير بعدها ثمانًا. لم تسر الأمور بنفس السلاسة في بقية المصانع والدول في أروبا، فقد كافح العمال، ولم تخفض الساعات في فرنسا إلا بعد ثورة 1848، لتصير اثني عشرة ساعة.
منذ ذلك الوقت، تناقل العمال حق تقليل ساعات العمل حول العالم واستغرق الأمر الكثير من السنوات لكي تطبقه الحكومات حول العالم. تطبيقه من قبل الحكومات حول العالم.
إذًا فنظام عمل الثمان ساعات لم يصمم من أجل أعمال اليوم، بل صمم من أجل تلبية احتياجات عمال المصانع. ولكنه انتشر ليشمل كل أنواع الوظائف والمهن. وهو أمر لا أرى فيه أي منطقية، فالأعمال وطبيعتها في القرن الجديد مختلفة عن السابق، والعمل لثماني ساعات في المكتب مجرد وهم: فهل أحتاج فعلًا للتواجد في المكتب للرد على الرسائل؟.
هل حان الوقت لإعادة النظر؟
في الآونة الأخيرة، ارتفعت أصوات تنادي بتقليل ساعات العمل وإعادة النظر في هذه القاعدة. إذ جرّبت إحدى دور الرعاية في السويد تقليل ساعات عمل الممرضات من ثمانٍ إلى ستِّ ساعات في اليوم. استمرت التجربة لسنة كاملة، عادت فيها النتائج إيجابية. إذ ارتفعت معدلات الرضى بنسبة 20%. كما قلت الإجازات المرضية إلى النصف، وكل هذا انعكس على خدمة أفضل لسكان دار الرعاية لأن الممرضات كنّ سعيدات ويحصلن على قدر أكبر من الراحة.
كما وجدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد أن تجاوز عدد ساعات العمل للخمسين ساعة في الأسبوع، تتردى الإنتاجية بشكل ملحوظ.
كما عزمت شركات على تبني أسلوب ساعات العمل المريحة، حيث يحدد الموظف متى سيأتي ويذهب. مع الالتزام بالتواجد في ساعات محددة (بين الحادية عشرة صباحًا والثالثة بعد الزوال مثلًا) وهو أمرٌ تراه بعض البحوث يقلل من الضغط ويرفع مستويات الرضى. رغم أن آخرين يحذرون من أن ساعات العمل المريحة قد تجعلك تعمل ساعات أكثر بدون علمك.
الرغبة في تقليل ساعات العمل أمرٌ مفهوم للكثير من الموظفين، لكن قبل التسرع والمطالبة بتطبيقه فورًا، ينبغي النظر لاحتياجات العمل ودراسة حيثيات تطبيقه دون تأثير على باقي الجوانب.