حقيقة القط البرتقالي تحت التهديد 😼

زائد: الذكاء الاصطناعي يُهدِّد ذكاءك

هل يخفِّض استخدام الذكاء الاصطناعي قدراتك العقلية؟ 😳 

درس باحثون في دراسة جديدة تأثير استخدام «شات جي بي تي»في مهامنا اليومية على أدمغتنا. طلبوا من أربع وخمسين شخصًا من أعمار مختلفة أن يكتبوا مقالات، وقسموهم إلى ثلاث مجموعات: مجموعة تستخدم «شات جي بي تي»، ومجموعة تستخدم محرك بحث قوقل، ومجموعة تعتمد على إبداعها الشخصي. 

وجدوا أن المجموعة التي اعتمدت على «شات جي بي تي» تكاسل مشتركوها عن التفكير، وكان أداؤهم متدنيًّا من الناحية العقلية والسلوكية واللغوية.  

رغم أن الدراسة لم تُحكَّم بعد، والعينة التي استخدمتها صغيرة، أصر الباحثون على نشرها بشكل مستقل. فنتائجها المقلقة تحثنا على إعادة النظر في اعتمادنا اليومي على هذه التطبيقات حتى لا نفقد ذكاءنا بالتدريج.😒 

في عدد اليوم، وبالحديث عن الذكاء الاصطناعي، يصف لنا بدر الراشد كيف تتحدى تطبيقاته مفهومنا عن الحقيقة وتشوِّه استمتاعنا بمقاطع القطط. وفي «شباك منور»، تتساءل شهد راشد كيف يمكننا كسر روتيننا وإثراء حياتنا بالتجارب والاكتشافات. ونودعكم في «لمحات من الويب» مع حلطومة متأملة عن حاجتنا إلى الأبطال الخارقين. 🦸🏽‍♂️ 

خالد القحطاني


Imran Creative
Imran Creative

حقيقة القط البرتقالي تحت التهديد 😼

بدر الراشد

هل شاهدتهم فيديو لقط يخيف نمرًا؟ أو ذاك الفيديو للقط المتسلل الذي انتزع قطعة اللحم من فم تمساح! أو القط الذي هجم وحيدًا على قطيع من الكلاب حاصروا رفيقه، وانتصر عليهم! جرأة القطط تبدو استثنائية، ويمكن القول بأن القطط متهورة، لكنها كائناتٌ تعتمد على ردة فعلها السريعة، وفي رواية أخرى تعتمد على أرواحها السبعة أو التسعة. لهذا ليس من الصعب تصديق خوضها مغامرات كهذه.

تداول الفيديوهات الطريفة للحيوانات أصبح من متعنا المضمونة اليوم في عالم الإنترنت، وكما يقولون، إذا كان الأسد ملك الغابة فإن القط ملك الإنترنت، تحديدًا القط البرتقالي. فبعد أن تمت تبرئة القط الأسود من العبء التاريخي الملقى على كاهله، بصفته رمزًا للشؤم ومركبًا للشيطان – بحسب الاعتقادات المسيحية في القرون الوسطى – وبأن الجن يتجسدون على هيئته، فقد أثبت الإنترنت أن القط البرتقالي بطبيعة الحال هو الأكثر نزقًا وشيطنة. (ولكن هذا موضوعٌ أخر، ومشكلةٌ عائلية داخل عالم السنوريات.) 

تُقدَّر عدد مقاطع الفيديو التي يجري تحميلها يوميًّا للقطط في يوتيوب بعشرات الآلاف من بين 2.6 مليون مقطع فيديو يجري تحميله يوميًّا على المنصة، وفي عام 2022 وصل العدد إلى 90 ألف فيديو يوميًّا، فما بالك بمنصات التواصل الرقمية الأخرى! وعلى ما يبدو، فقد بدأ الذكاء الاصطناعي يسهم بدوره في ارتفاع هذا العدد.

بدأ الذكاء الاصطناعي يغير عالمنا بصورة سريعة، أكبر من قدرتنا على الاستيعاب. والنقلات التي حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية تتجاوز مثيلاتها خلال عقود. فمنذ أن بدأت دراسات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الخمسينيات، لم تعمَّم تجربة استخدام الذكاء الاصطناعي عالميًّا وتُيسَّر للبشر كما حدث خلال العامين الماضيين، وهذا بهدف تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي (AI)، وتعزيز آليات وأدوات التعلم الآلي (ML) عبر جمع أكبر قدر ممكن من البيانات والصور ودمجها؛ لأن – وعلى عكس المتصوَّر – ما زال الذكاء الاصطناعي بدائيًّا في أول الطريق، ولم يصل لإمكانياته المتوقعة!

واليوم، مع وجود الذكاء الاصطناعي، نجد أن الكثير من المفاهيم والتصورات حول الحقيقة والخيال والزيف والواقع، كلها باتت مهددة. لكن هذا التهديد ليس بجديد، بل تهديدٌ قديم قدم التاريخ. 

فتاريخيًّا تغيرت آليات وأدوات الوصول إلى الحقيقة مرارًا وتكرارًا. بدايةً من المعرفة ذات المصدر الإلهي، إلى مركزية العلوم المادية مصدرًا للمعرفة، ومن التأمل وانقسام العالم إلى «عالم للحواس» و «عالم للُمُثل» عند أفلاطون، إلى الاعتماد الكلي على الحواس للوصول إلى الحقيقة كما قرر الفيلسوف الإنقليزي فرانسيس بيكون في القرن السابع عشر الميلادي. إذ قال فرانسيس بيكون بإمكانية الوصول إلى الحقيقة عبر التجربة والاستقراء، بدلاً من التأمل والمنطق الأرسطي الذي هيمن على التفكير الأوربي - لا العربي - لآلاف السنين آنذاك. 

لكن هذا الجدل الفلسفي لم يكن خطيًّا أبدًا. فقد قال ديفيد هيوم بالاقتران بديلاً عن السببية. وأعاد رينيه ديكارت (المعاصر لفرانسيس بيكون إذ توفي بعده بأربع وعشرين سنة) الاعتبار للفكر والحدس على حساب التجربة المادية، الأمر الذي امتد لسبينوزا وإيمانويل كانت من بعدهم. 

لاحظ أننا هنا نتحدث عن تصورات مختلفة عن الحقيقة والوصول إليها خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر فقط، وفي حقل واحد هو الفلسفة، وفي قارة واحدة هي أوربا.

لكن ثمة منعطف حديث، قد يكون على مستوى المصطلحات واللغة، ظهر قبيل تعميم استخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى واسع ورخيص في العالم. ففي خضم الحرب الثقافية الأمريكية، ومع صعود الرئيس دونالد ترمب في 2017، ظهرت على المسرح الأمريكي مصطلحات جديدة في الحرب على الحقيقة.

راج استخدام مصطلح «أخبار زائفة» (Fake News) على مستوى واسع في وصف الأخبار التي تتداولها المنصات الإعلامية الليبرالية الكبرى «الديمقراطية» في الولايات المتحدة. ثم ظهر مصطلح آخر «الحقائق البديلة» (Alternative Facts) ليصف الحقائق من وجهة نظر المحافظين الأمريكيين، وهي الرواية البديلة التي تردُّ على «الأخبار الزائفة». أما تقنيًّا فقد ظهر مصطلح «التزييف العميق» (Deepfake) ليدخل العالم في حقبة جديدة، حيث الصورة ومقاطع الفيديو لم تعد وسيطًا لا يقبل الجدل في إظهارها الحقائق، بل يمكن تزييفها لا على مستوى الوعي بها وتحليلها فقط، بل على مستوى وجودها نفسه.  

فاليوم لا يبدو أن الحقيقة حقيقية أبدًا.  

لم يعد تغيير الحقائق وتحريفها يأخذ صورة البروباقندا والانحيازات الإعلامية أو الكذب الصريح، أو تفسيرات مختلفة للوقائع، أو غمامة عقائدية تفصل الإنسان عن واقعه. بل أصبحت الحقيقة نفسها بفعل الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الشك والريب، وبتنا ندرك أنَّ المصدر الموثوق للحقيقة ما عاد في المتناول، بل يجب أن يبذل الإنسان منّا جهدًا كبيرًا لمعرفة ما يدور حوله، ومن ثمَّ فهمه وتحليله.

العالم يتغير بصورة جذرية، والحرب على الحقيقة مستمرة وجذرية كذلك، لكنه عالمٌ بائس ذاك الذي لا تستطيع فيه أن تستمتع بفيديوهات للقطط دون أن تشك في حقيقتها. فأنا على الأقل أود أن أصدق أن القط البرتقالي استطاع الإيقاع بتمساح، وسلخه وتناوله على الغداء بهدوء، دون أن يراودني شك أن هذا الفيديو «الرائج» منتجٌ عبر الذكاء الاصطناعي، وتعبيرٌ عن واقعنا اليوم المعزز بالزيف العميق. 


عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.

توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎

سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


أجد نفسي في بحث مستمر وركض لا يتوقف خلف إجابات الحياة ومعانيها؛ كيف أُثري أيامي الروتينية؟ وكيف أعيش عمرًا غنيًّا بالتجارب والاستكشافات؟ أهذا هو الطريق الصحيح؟ أم أني أتبع ما يُقال دون تمعن في ما أريد؟ يكتب زكي نجيب محمود في كتابه «شروق من الغرب» في فصل «يوم الميلاد» النص التالي: 📖

  • «لقد سألت نفسي يومًا: لو أرَّختَ لحياتك ودوَّنتَ ما مر بها من حوادث؛ فماذا أنت ذاكر؟ إن من الرجال مَن يكتبون قصص حياتهم، فإذا هي حافلة بأحداثها. تقرؤها فكأنما تقرأ قصةً من خلق الخيال البارع. فأين من ذلك ما عشت من حياة فارغة جوفاء؟! وهنا رأيت الشبه ماثلًا بيني وبين ساعي البريد. أرأيت كيف ينفق هذا الرجل حياته ساعيًا بين الناس ببريده؟ إنه لا يمس «الظروف»، إلا من ظاهرها دون أن ينفذ إلى قلوبها ولُبابها. إنه لا يعلم من الرسالة إلا عنوانها أو بعضَ عنوانها. فأين ذلك من صاحب الخطاب؟! إنه يفض غلافه ويمس شَغافه، ويقرأ السطور وما بين السطور. إنه يَستروِح من كلماته أنفاس الحبيب، أو هو ينظر إلى الألفاظ فإذا هي ألحاظ الصديق ناظرة إليه تُباسمه وتُناجيه.» 🔍📩

  • أفكر في المؤلفين الذين نشروا كتبًا وهم في بدايات عشرينياتهم، وأتساءل عن مقدرتي على الحذو حذوهم. هل تكون الحياة حياةً بغنى الأحداث وجنون الأيام؟ أم بعمق الفكر ورحابة الأفق وساعات التفكر في المعاني والدوافع وتأمل الحوادث؟ أُدرك ضرورة التجارب والخبرات، ولكني أكاد أجزم أنها لا تؤثر عندما يمر بها المرء مسرعًا لاهيًا بأمور أخرى؛ يشغله الحدث التالي، ويقلقه الغد. 📚 🏃🏻‍♀️

  • أظن كثيرًا منا يعيش حياة روتينية، وهو أمر طبيعي مهما حاولنا تغييره، ولكن الفارق بين البعض والآخر: أن أحدهم يتمعن في روتينه وأيامه، ويشجّع في نفسه الفضول تجاه ما يحدث أمامه وما يُشارك فيه، تجاه الناس والتفاصيل. هذا الفضول هو المنقذ من الضجر، ولكن أثره يتخطى ذلك إلى إضافة عمق وبعد في شخصية الإنسان؛ فالفضولي يعرف ما لا يعرفه غيره في شتى أمور الحياة والناس. 💭❓

  • لا يكفي الفضول وحده بالطبع للاستمتاع بالحياة، ولكن الانفتاح على الآخرين ومحاولة فهم ما يحدث حولنا، مع تقليب ما نراه في أذهاننا يمنة ويسرة، يمنحنا منظورًا مختلفًا لأمر قد نكون عشنا سنينًا طويلة نراه في إطار معين، ثم يتغير بعد التفكير فيه. يمنحنا طعمًا جديدًا لتجربة نخوضها مرارًا؛ كالتفكير في أحوال الناس على متن القطار بدلًا من الانشغال بالاستماع لأغنية، كتخيل سيناريوهات حياة الجالس بجوارك أو عامل المحطة أو الباريستا، كتقليب نصٍّ في ذهنك والتلاعب بكلماته، كسلوكِ طريق جديد لم تسلكه من قبل عند العودة من عملك. 🖼️ ☕️

  • يقول غازي القصيبي: «إنك لا تعرف البشر إلا إذا انغمست في غمارهم، ولا تعرف المدن إلا إذا تشردت في أزقتها، ولا تعرف الحضارات إلا إذا قذفت بروحك في أتونها.» هذا التعمق، الذي نفتقده اليوم لانشغالاتنا، هو ما يمنحنا ثراء الحياة والمخيلة وثراء في الرضا والعلاقات. هذا التعمق في تفاصيل الأمور التي تهمنا هو ما يميزنا عن غيرنا، وبذلك يميز كل ما نصنع ونفكر وننتج. 🤍🎨🤍🎨

🧶إعداد

شهد راشد



نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+80 متابع في آخر 7 أيام