لا تتخلَّ عن كتابك الورقي

قبل مدة، زرت مكتبة خاصة لأحد الأصدقاء كانت في غاية الجمال. وبعدما جلست، تذكرت مقولة بورخيس «لطالما تخيلت الجنّة على هيئة مكتبة كبيرة.» ثم خطر لي جهود نشطاء البيئة في التقليل من طباعة الكتب للحفاظ على الأشجار، ووددت لو جمعتهم كلهم ليروا مدى جمال هذه المكتبة. 

أما أنا، فقد قرأت الأشهر الماضية كتبي عبر كندل، للأسف، وذلك لعدم توفرها في السوق، وخاصة الكتب الإنقليزية منها. وهنا راودني السؤال: ما الخيار الأفضل بين الكتاب الورقيّ والرقميّ؟ 

في دراسة أجريت على قرّاء كندل وقرّاء الكتاب الورقيّ، وجدوا أنَّ قرّاء كندل أسوأ بكثير في تذكر حبكة القصص، وكانوا أسوأ بمراحل في ترتيب أحداث القصة أيضًا. وأنا أؤكد على هذه النتيجة من تجربتي الشخصية، فالأجهزة بطبيعتها تدفعك إلى الانتقال إلى التطبيقات الأكثر إمتاعًا مثل يوتيوب أو تويتر. أما إن كان في يدك كتاب ورقيّ، فستقل وتيرة التنقل على الأرجح. 

العجيب أني كنت أتوقع ازديادًا مطّردًا في مبيعات الكتب الرقمية، ولكن بعد البحث تبين لي العكس. فمنذ عام 2014 وحتى 2019، عانت مبيعات الكتب الرقمية من الانخفاض المتواصل. لكنها ارتفعت ارتفاعًا مفاجئًا عام 2020 بسبب إغلاق المكتبات وقت الجائحة. 

ففي بريطانيا، مثلًا، ازدادت مبيعات الكتب الرقمية 23% من يناير إلى يونيو 2020، بينما انخفضت مبيعات نظيرتها الورقية بنسبة 17% في الفترة نفسها. 

وتوقعت أيضًا أن أجد سعر الكتاب الرقميّ ينقص كثيرًا عن الكتاب الورقيّ، لكني وجدت سعر الورقيّ أغلى بفارق بسيط. ورغم أنَّ تكلفة الكتاب الورقي أغلى من الرقميّ، لكن هذا لا ينعكس على السعر. ويعود السبب إلى إجبار دور النشر العالمية منصات الكتب الرقميّة مثل أمازون وأبل على رفع سعر الكتاب الرقميّ، لئلا يكون رخيصًا جدًا فيكسر تنافسية السوق ويدفع القارئ إلى ترك الكتاب الورقيّ. 

الكتب الرقمية فتحٌ كبير لهذا العالم بالتأكيد، خصوصًا لسكان المدن النائية أو التي يصعب عليها الوصول إلى الكتب الحديثة إلا عبر بوابة التقنية، أو للقراء أمثالي ممن لا يجدون الكتاب المرغوب في المكتبات المحليّة. لكن إن كان لديك الخيار بين الكتاب الرقميّ والورقيّ، فنصيحتي بأن تقتني الورقيّ. فهذا أدعى للفهم وتحصيل العلم وجمع جنتك الكبيرة من الكتب.

تركي القحطاني